القاعدة 7. يُميّز أطراف النزاع في جميع الأوقات بين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية. ولا تُوجّه الهجمات إلّا إلى الأهداف العسكرية فحسب، ولا يجوز أن تُوجّه إلى الأعيان المدنية.المجلد الثاني، الفصل الثاني، القسم أ.
تكرّس ممارسة الدول هذه القاعدة كإحدى قواعد القانون الدولي العرفي المنطبقة في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية. وتوجد علاقة متبادلة بين المكوّنات الثلاثة لهذه القاعدة، كما أنّ الممارسة الخاصة بكل منها تعزّز شرعية المكوّنات الأخرى.
وتجري مناقشة اقتصاص المحاربين ضد الأعيان المدنية في الفصل 41.
هذه القاعدة مقنّنة في المادتين 48 و52 (2) من البروتوكول الإضافي الأول، واللتين لم تسجّل عليهما أية تحفظات.
[1] وفي المؤتمر الدبلوماسي الذي أدى إلى اعتماد البروتوكولين الإضافيين، أعلنت المكسيك أن المادة 52 أساسية جداً بحيث "لا يمكن أن تكون موضع أية تحفظات البتة، وأنّ أية تحفظات ستتعارض مع الهدف والغاية من البروتوكول الأول وتقوّض أساسه".
[2] ويرد حظر توجيه الهجمات ضد الأعيان المدنية في الصيغة المعدلة للبروتوكول الثاني وفي البروتوكول الثالث من الاتفاقية بشأن أسلحة تقليدية معيّنة.
[3] بالإضافة إلى ذلك، ينص النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أنّ "تعمّد توجيه هجمات ضد الأعيان المدنية، أي الأعيان التي ليست أهدافاً عسكرية"، يشكّل جريمة حرب في النزاعات المسلحة الدولية.
[4]ويرد الالتزام بالتمييز بين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، وحظر توجيه الهجمات ضد الأعيان المدنية، في عدد كبير من كتيّبات الدليل العسكري.
[5] ويعتبر دليل السويد بشأن القانون الدولي الإنساني، على الأخص، مبدأ التمييز كما جاء في المادة 48 من البروتوكول الإضافي الأول قاعدة من القانون الدولي العرفي.
[6] وقد اعتمد الكثير من الدول تشريعات تجعل من الهجمات على الأعيان المدنية خلال النزاعات المسلحة جرماً.
[7] وتوجد أيضاً العديد من البيانات الرسمية التي تستشهد بهذه القاعدة.
[8] وتشمل هذه الممارسة، تلك الخاصة بدول ليست، أو لم تكن في حينه، أطرافاً في البروتوكول الإضافي الأول.
[9]واستشهدت عدة دول بمبدأ التمييز بين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية في مرافعاتها أمام محكمة العدل الدولية في قضية الأسلحة النووية.
[10] وفي رأيها الاستشاري، ذكرت هذه المحكمة أنّ مبدأ التمييز هو أحد "المبادئ الرئيسة" في القانون الدولي الإنساني وأحد "مبادئ القانون الدولي العرفي التي لا يجوز انتهاكها".
[11]وعندما ناشدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أطراف النزاع في الشرق الأوسط، في أكتوبر/ تشرين الأول من العام 1973، أي قبل أن يُعتمد البروتوكول الإضافي الأول، احترام التمييز بين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، جاءت ردود الدول المعنيّة بذلك (مصر، والعراق، وإسرائيل، وسوريا) إيجابية.
[12]تضمّن مشروع البروتوكول الإضافي الثاني التمييز بين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، لكنه أُلغي في اللحظة الأخيرة كجزء من اتفاق على اعتماد نص مبسّط.
[13] ونتيجة لذلك، لا يتضمن البروتوكول الإضافي الثاني هذا المبدأ ولا حظر توجيه الهجمات ضد الأعيان المدنية، مع أنّه جرى الزعم أنّ مفهوم الحماية العامة في المادة 13(1) من البروتوكول الإضافي الثاني واسع بما فيه الكفاية ويغطي هذا المبدأ.
[14] غير أنّ حظر توجيه الهجمات ضد الأعيان المدنية قد تضمّنه قانون تعاهدي أكثر حداثة، وينطبق في النزاعات المسلحة غير الدولية، أي الصيغة المعدّلة للبروتوكول الثاني من الاتفاقية بشأن أسلحة تقليدية معيّنة.
[15] وهذا الحظر يتضمنه أيضاً البروتوكول الثالث من الاتفاقية بشأن أسلحة تقليدية معينة، التي أصبحت تنطبق في النزاعات المسلحة غير الدولية تبعاً لتعديل في المادة الأولى من الاتفاقية تم إقراره بالإجماع في العام 2001.
[16] علاوة على ذلك، يستخدم البروتوكول الثاني لاتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية مبدأ التمييز بين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية كأساس لتعريف الحماية الممنوحة للممتلكات الثقافية في النزاعات المسلحة غير الدولية.
[17]وفي حين لا يعرّف النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بشكل واضح الهجمات على الأعيان المدنية كجريمة حرب في النزاعات المسلحة غير الدولية، فإنه يعرّف تدمير ممتلكات العدو كجريمة حرب ما لم يكن هذا التدمير "مما تحتمه ضرورات الحرب".
[18] لذلك، فالهجوم ضد عين مدنية يشكّل جريمة حرب بمقتضى النظام الأساسي طالما لا تحتّم ضرورات النزاع مثل هذا الهجوم. ويخضع تدمير الملكية للقاعدة 50، كما أنّ الممارسة التي تكرّس تلك القاعدة تدعم أيضاً وجودها. كما يعرّف النظام الأساسي للمحكمة الهجمات ضد المنشآت، أو المواد، أو الوحدات، أو المركبات المستخدمة في مهمة من مهام المساعدة الإنسانية أو حفظ السلام كجريمة حرب في النزاعات المسلحة غير الدولية، ما دامت هذه الأعيان "تستحق الحماية الممنوحة لـ...الأعيان المدنية بمقتضى قانون النزاعات المسلحة الدولي".
[19]وبالإضافة إلى ذلك، تتضمن صكوك قانونية أخرى تتعلق أيضاً بالنزاعات المسلحة غير الدولية حظر توجيه الهجمات ضد الأعيان المدنية.
[20]ويرد الالتزام بالتمييز بين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، وحظر توجيه الهجمات ضد الأعيان المدنية في كتيّبات الدليل العسكري التي تنطبق، أو جرى تطبيقها، في النزاعات المسلحة غير الدولية.
[21] وقد اعتمدت دول عديدة تشريعات تجعل من الهجوم على الأعيان المدنية خلال أي نزاع مسلح جرماً.
[22] وهناك أيضاً بعض أنظمة السوابق القضائية الوطنية التي تستند إلى هذه القاعدة.
[23] وعلاوة على ذلك، هناك عدد من البيانات الرسمية المتعلقة بنزاعات مسلحة غير دولية تشير إلى هذه القاعدة.
[24] وقد صيغت البيانات التي وردت أمام محكمة العدل الدولية في قضية الأسلحة النووية المشار إليها أعلاه بمصطلحات عامة تنطبق في جميع النزاعات المسلحة.
ولم يعثر على أية ممارسة رسمية مناقضة في ما يتعلق بالنزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية. وقد أدانت دول ومنظمات دولية بشكل عام الهجمات ضد الأعيان المدنية خلال النزاعات في البوسنة والهرسك، ولبنان، والسودان، والنزاع بين إيران والعراق، على سبيل المثال.
[25] وفي مرحلة مبكرة، في العام 1938، قررت الجمعية العامة لعصبة الأمم ما يلي: "يجب أن تكون الأهداف التي يتم التصويب عليها من الجو أهدافاً عسكرية مشروعة، كما يجب أن تكون قابلة للتحديد".
[26] وفي قرار أكثر حداثة بشأن حماية المدنيين في النزاعات المسلحة تمّ اعتماده في العام 1999، أدان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشدة كافة "الهجمات على الأعيان المحمية بمقتضى القانون الدولي".
[27]وتقدّم اجتهادات محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة دليلاً إضافياً على أنّ حظر مهاجمة الأعيان المدنية هو عرفي في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية.
[28]وتطلب خطة العمل للسنوات 2000-2003، التي اعتمدها المؤتمر الدولي السابع والعشرون للصليب الأحمر والهلال الأحمر في العام 1999، من جميع الأطراف في النزاعات المسلحة احترام "الحظر التام على توجيه الهجمات.. ضد الأعيان المدنية".
[29] وقد ناشدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الأطراف في نزاعات مسلحة دولية وغير دولية احترام التمييز بين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية وعدم توجيه الهجمات إلى الأعيان المدنية.
[30]لقد شدّدت عدة دول على أنّ القاعدة الواردة في المادة 52(2) من البروتوكول الإضافي الأول، التي تشترط أن "تقتصر الهجمات على الأهداف العسكرية فحسب"، تحظر الهجمات المباشرة ضد الأعيان المدنية ولا تعالج مسألة الأضرار العرضية الناتجة عن الهجمات الموجهة ضد أهداف عسكرية.
[31] والغاية من هذه البيانات التأكيد على أنّ الهجمات التي تؤثّر على الأعيان المدنية لا تعتبر غير شرعية ما دامت هذه الهجمات موجّهة ضد أهداف عسكرية، والأضرار العرضية اللاحقة بالأعيان المدنية التي تسببها غير مفرطة. وقد أُخذ هذا الرأي بعين الاعتبار في صياغة القاعدة الحالية باستخدام الكلمات "توجّه الهجمات ضد". وهذا الرأي يطبق على القاعدة 1 مع أخذ الفروق الخصوصية بعين الاعتبار.