القاعدة 81. يجب إيلاء عناية خاصة لدى استخدام الألغام الأرضية للتقليل من آثارها العشوائية.المجلد الثاني، الفصل 29، القسم ب.
تكرّس ممارسة الدول هذه القاعدة كإحدى قواعد القانون الدولي العرفي المنطبقة في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية. وتنطبق هذه القاعدة على الألغام المضادة للآليات. وتنطبق أيضاً على ما يتعلّق بالألغام المضادة للأفراد بالنسبة للدول التي لم تعتمد بعد حظراً تاماً لاستخدامها.
يهدف الكثير من القواعد في الصيغة الأساسية، كما في الصيغة المعدلة للبروتوكول الثاني للاتفاقية بشأن أسلحة تقليدية معيّنة، وكذلك في ممارسة أخرى للدول، إلى تفادي الآثار العشوائية للألغام.
[1] وتهدف أحكام هذه المعاهدات، التي تتضمّن حظر أنواع معيّنة من الألغام وضوابط أخرى أيضاً، وبصورة خاصة، إلى الحد من الضرر العشوائي المحتمل الذي تسببه هذه الأسلحة. وبالإضافة إلى ذلك، تظهر الممارسة أنّ القواعد العرفية المنطبقة على إدارة الأعمال العدائية، كمبداً التمييز (انظر القاعدتين 1و7)، ومبدأ التناسب (انظر القاعدة 14)، وواجب اتخاذ جميع الاحتياطات العملية في الهجوم (انظر القاعدة 15)، تنطبق، وعلى حد سواء، على استخدام الألغام الأرضية.
ويستند واجب إيلاء عناية خاصة عند استخدام الألغام الأرضية إلى عدد من القواعد التي جرى تقنينها في البروتوكول الثاني للاتفاقية بشأن أسلحة تقليدية معيّنة. ويضع هذا البروتوكول قواعد عامة بشأن زرع جميع الألغام الأرضية.
[2] كما يوجز أيضاً قيوداً محددة بشأن استخدام الألغام الأرضية المبثوثة عن بعد، وغير المبثوثة عن بعد، المستخدمة في المناطق المأهولة.
[3] وبالإضافة إلى ذلك، يطلب البروتوكول اتخاذ جميع الاحتياطات العملية لحماية المدنيين من آثار هذه الأسلحة.
[4] ويشير البروتوكول أيضاً إلى تدابير احتياطية خاصة كوضع علامات ومعالم لحقول الألغام، وتسجيلها، ومراقبتها، وإجراءات لحماية قوات الأمم المتحدة وبعثاتها.
[5] وقد تم اعتماد البروتوكول الثاني للاتفاقية بشأن أسلحة تقليدية معيّنة بالإجماع، ولم يكن موضع جدال في ذلك الحين.
ويتضّمن الكثير من كتيّبات الدليل العسكري تدابير احتياطية خاصة يجب اتخاذها عن استخدام الألغام الأرضية.
[6] وهناك أيضاً مؤشرات بأنّ أحكام البروتوكول الثاني للاتفاقية بشأن أسلحة تقليدية معيّنة تُعتبر أنها تشكّل نموذجاً رسمياً بالحد الأدنى بالنسبة لاستخدام الألغام الأرضية التي ليست محظورة بشكل محدد بموجب ما تفرضه المعاهدات، كما تقتضي اتفاقية أتاوا بالنسبة للألغام المضادة للأفراد.
[7] ونتيجة لذلك، توفر هذه التدابير الاحتياطية بمجملها إشارة إلى أنواع التدابير التي تعتقد الدول بأنها يجب أن تُتخذ للتقليل من الآثار العشوائية للألغام الأرضية إلى الحد الأدنى.
وتعيد الصيغة المعدلة للبروتوكول الثاني للاتفاقية بشأن أسلحة تقليدية معيّنة التأكيد على التدابير الاحتياطية الواجب اتخاذها عند استخدام الألغام الأرضية، وتطوير هذه التدابير.
[8]كانت الصيغة الأساسية للبروتوكول الثاني للاتفاقية بشأن أسلحة تقليدية معيّنة تنطبق فقط في النزاعات المسلحة الدولية، ولم تكن معظم الممارسة المادية في النزاعات الداخلية منسجمة مع هذه القواعد. غير أنّ القلق الذي أبداه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والجمعية العامة للأمم المتحدة، والدول بشكل إفرادي، حول آثار الألغام الأرضية على المدنيين في النزاعات المسلحة غير الدولية، يشكّل دلالة على رأي المجتمع الدولي بوجوب حماية المدنيين من الألغام في هذه الأوضاع.
[9] ويعكس توسيع مجال تطبيق الصيغة المعدلة للاتفاقية بشأن أسلحة تقليدية معيّنة لتشمل النزاعات المسلحة غير الدولية هذا الرأي.
[10] ومنذ ذلك الحين، فقد عدّلت صيغة الاتفاقية بشأن أسلحة معيّنة نفسها وأصبحت الصيغة الأساسية للبروتوكول الثاني تنطبق أيضاً في النزاعات المسلحة غير الدولية بالنسبة للدول المنضمة إلى الصيغة المعدّلة للاتفاقية.
[11] ولم يكن التعديل، الذي اعتمد في مؤتمر المراجعة الثاني في العام 2001، موضع جدال. ولهذا، توجد حجة مقنعة بوجود قاعدة عرفية في النزاعات المسلحة غير الدولية مفادها وجوب عدم استخدام الألغام بطرق ترقى إلى الهجمات العشوائية، ولذلك يتعيّن إيلاء عناية خاصة للتقليل من آثارها العشوائية إلى الحد الأدنى.
بعد تصديق أكثر من 140 دولة على اتفاقية أوتاوا، وأخرى في طريقها للتصديق، تلتزم غالبية الدول بمعاهدة تحظر استعمال، وإنتاج، وتخزين، ونقل الألغام المضادة للأفراد من الآن فصاعداً. غير أنّ عدة دول، بما فيها الصين، وفنلندا، والهند، وكوريا الجنوبية، وباكستان، وروسيا، والولايات المتحدة لم تصدّق بعد على اتفاقية أوتاوا، وتؤكد أنّها ما تزال تملك الحق في استخدام الألغام المضادة للأفراد.
[12] وقد استخدمت حوالي اثنتى عشرة دولة من غير الأطراف في الاتفاقية ألغاماً مضادة للأفراد في نزاعات حديثة.
[13] وتعني هذه الممارسة أنه لا يمكن القول في هذه المرحلة إنّ استخدام الألغام المضادة للأفراد محظور بمقتضى القانون الدولي العرفي.
مع ذلك، فقد وافقت جميع الدول تقريباً، بما فيها غير الأطراف في اتفاقية أوتاوا والتي لا تحبذ حظراً فورياً للألغام المضادة للأفراد، على أنّ هناك ضرورة للعمل باتجاه التخلص منها نهائياً. وجدير بالذكر، على الأخص، البيان الختامي الذي تم اعتماده بالإجماع من قبل الدول الأطراف في الإتفاقية بشأن أسلحة تقليدية معيّنة في مؤتمر المراجعة الثاني في العام 2001، ومنها عدد من الدول غير الأطراف في اتفاقية أوتاوا
[14] وجاء في الإعلان أنّ الدول الأطراف "تعلن بكل جدية ... إيمانها بأنّ على جميع الدول أن تسعى للصول إلى الهدف في التخلّص من الألغام المضادة للأفراد على نحو شامل".
[15] وبالإضافة إلى ذلك، فقد حث عدد من قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة الدول على الإسهام في التخلّص من الألغام المضادة للأفراد.
[16] ومع أنّ بعض الدول امتنعت عن التصويت على هذه القرارات، فإنّ غالبية هذه الدول الممتنعة قد انضمت بعد ذلك إلى الإعلان الذي اعتمد في مؤتمر المراجعة الثاني أو أصدرت بيانات تقرّ فيها بالهدف من التخلص نهائياً من الألغام المضادة للأفراد، وعلى الأخص، إثيوبيا في العام 1995، وتركيا في العام 2002 (التي صدّقت الآن أيضاً على اتفاقية أوتاوا).
[17] وتدعم أيضاً قرارات اعتمدت في مؤتمر وزراء الشؤون الخارجية لمنظمة المؤتمر الإسلامي في 1995و 1996، وفي المؤتمر الدولي السادس والعشرين للصليب الأحمر والهلال الأحمر في 1995، التخلص نهائياً من الألغام المضادة للأفراد.
[18] وجدير بالذكر، أنّ الدول الأطراف في اتفاقية أوتاوا، وعلى الأخص، في اجتماعها الأول في مابوتو في العام 1999، اعتمدت إعلاناً يدعو الدول التي مازالت تستعمل أو تمتلك الألغام المضادة للأفراد إلى "أن تتوقف الآن "عن القيام بذلك.
[19] ويشكّل هذا البيان للدول غير الأطراف في الاتفاقية دلالة بارزة على الإيمان بأنّ على جميع الدول العمل باتجاه التخلّص من الألغام المضادة للأفراد. ويبدو أن الممارسة جميعها، والمذكورة آنفاً، تدّل على أنّ هناك نشوءاً لالتزام بالتخلّص من الألغام المضادة للأفراد.