القاعدة 42. يجب إيلاء عناية خاصة في حال الهجوم على الأشغال الهندسية والمنشآت التي تحوي قوى خطرة، أي السدود والحواجز المائية والمحطات النووية لتوليد الطاقة الكهربائية والمنشآت الأخرى الواقعة عند أو بمحاذاة هذه الأشغال الهندسية والمنشآت، لتجنب انطلاق قوى خطرة تسبب خسائر فادحة بين السكان المدنيين.المجلد الثاني، الفصل 13.
تكرّس ممارسة الدول هذه القاعدة كإحدى قواعد القانون الدولي العرفي المنطبقة في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية.
لا يجوز أن تكون الأشغال الهندسية والمنشآت المحتوية على قوى خطرة محلاً للهجوم عندما تكون أعياناً مدنية (انظر القاعدة 7). ويمكن مهاجمتها فقط في حال توافرت فيها صفة أهداف عسكرية (انظر القاعدة 7). وتُظهر الممارسة أن الدول تعي احتمال المخاطر العالية بوقوع خسائر فادحة بصورة عارضة قد تنجم عن الهجمات ضد هذه الأشغال الهندسية والمنشآت عندما تشكّل أهدافاً عسكرية. وبالتالي تقرّ بوجوب إيلاء عناية خاصة في حال الهجوم عليها.
وقد صيغت القواعد المفصّلة الواردة في المادة 56 من البروتوكول الإضافي الأول، وكذلك في المادة 15 من البروتوكول الإضافي الثاني على أساس هذا الإقرار بوجوب إيلاء عناية خاصة في حال الهجوم على هذه الأشغال الهندسية والمنشآت.
[1] وترد هذه القواعد في العديد من كتيّبات الدليل العسكري.
[2] وبمقتضى تشريعات عدد من الدول، تُعتبر الهجمات ضد الأشغال الهندسية والمنشآت التي تنجم عنها خسائر فادحة جرماً.
[3]وتحظر كتيّبات الدليل العسكري وتشريعات عدد من الدول الأخرى الهجمات ضد الأشغال الهندسية والمنشآت بصفتها هذه.
[4] وعند التصديق على البروتوكول الإضافي الأول، أعلنت فرنسا والمملكة المتحدة أنهما لا تستطيعان أن تمنحا حماية "مطلقة" للأشغال الهندسية والمنشآت المحتوية على قوى خطرة عندما تكون أهدافاً عسكرية. ومع ذلك، أقرّتا بالخطر العظيم الملازم لأي هجوم ضد هذه الأشغال والمنشآت، وطلبتا اتخاذ كل احتياط "ضروري" و"واجب"، على التوالي، في الوضع الاستثنائي الذي تُهاجم فيه هذه الأشغال والمنشآت، لتجنب إيقاع خسائر فادحة بطريقة عارضة بين السكان المدنيين.
[5] وعبّرت الحكومة الكولومبية، في بيان لها، وبشكل مماثل، عن ضرورة التقيد بضوابط واتخاذ احتياطات بالنسبة لهجوم من القوات الحكومية على أحد السدود لطرد المتمردين من هناك.
[6]وتشدّد إسرائيل والولايات المتحدة على أهمية معيار التناسب في تقييم شرعية الهجوم ضد الأشغال الهندسية والمنشآت المحتوية على قوى خطرة والتي تكون أهدافاً عسكرية.
[7] وبالإضافة إلى وجوب القيام بتقييم، بمقتضى مبدأ التناسب، على أساس كل حالة على حدة، يعكس هذا الموقف في الوقت عينه تحسّساً بالخسائر الفادحة التي قد تنشأ بين السكان المدنيين عندما تنطلق القوى الخطرة لهذه الأشغال والمنشآت. إنّ "شنّ هجوم على الأشغال الهندسية أو المنشآت التي تحوي قوى خطرة عن معرفة بأن مثل هذا الهجوم يسبب خسائر بالغة في الأرواح، أو إصابات بالأشخاص المدنيين، أو أضراراً بالأعيان المدنية" يُشكّل انتهاكاً جسيماً للبروتوكول الإضافي الأول.
[8] وتعتبر هذه الهجمات جرماً بمقتضى تشريعات الكثير من الدول.
[9]ومما يؤكد على تحسّس الدول لإمكانية إنطلاق القوى الخطرة أنّ الهجمات التي شُنّت في العقود الأخيرة ضد مثل هذه الأشغال الهندسية والمنشآت. نُفّذت بالعناية الفائقة الممكنة حسب ما ذكره المهاجمون.
[10] كما يؤكد على ذلك أيضاً الإدانات لمثل هذه الهجمات ورفضها، وضبط النفس الذي أظهرته الدول بشكل عام، بشأن القيام بهجمات ضد الأشغال الهندسية والمنشآت المحتوية على قوى خطرة.
[11]لذلك، وكما يبدو، يمكن تصوّر الهجمات في أوضاع حيث يكون لا بد منها للحصول على ميزة عسكرية هامة لا يمكن الحصول عليها بأية طريقة أخرى، مع اتخاذ جميع الاحتياطات الضرورية. فأهمية اتخاذ مثل هذا القرار، مع احتمال المخاطر العالية بالتسبب بخسائر فادحة عرضيّة متعددة، يتمثل في الموقف الذي اتخذته المملكة المتحدة والولايات المتحدة بوجوب اتخاذ القرار بمهاجمة أشغال هندسية ومنشآت محتوية على قوى خطرة على "مستوى عال من القيادة" وعلى "المستويات السياسية العالية المناسبة"، على التوالي.
[12]ولا ترى ممارسة الدول هذه القاعدة كضرورة أحادية الجانب. فمن واجب المدافع بالمثل أن يحافظ على حماية الأشغال الهندسية والمنشآت المحتوية على قوى خطرة، أو يعززها باتخاذ جميع الاحتياطات المستطاعة ضد الهجمات: ألّا تستخدم هذه الأشغال والمنشآت للدعم المباشر للعمل العسكري؛ وألّا تقام الأهداف العسكرية عندها أو في المناطق المجاورة لها؛ وألّا تستخدم لستر العمليات العسكرية.
[13]أما أعمال اقتصاص المتحاربين ضد الأشغال الهندسية والمنشآت المحتوية على قوى خطرة، فتجري مناقشتها في الفصل 41.
لقد حصر البروتوكولان الإضافيان نطاق هذه القاعدة بالسدود، والحواجز المائية، والمحطات النووية لتوليد الطاقة الكهربائية
[14] ولم يكن بالإمكان التوصل في المؤتمر الدبلوماسي الذي أدى إلى اعتماد البروتوكولين الإضافيين إلى الاتفاق على تضمين هذه القاعدة أشغالاً هندسية ومنشآت أخرى محتوية على قوى خطرة. مع ذلك، يجب أن تطبّق الاعتبارات التي جرى توضيحها أعلاه بشكل مماثل على المنشآت الأخرى كالمصانع الكيميائية ومعامل تكرير النفط. وبما أنّ الهجمات على مثل هذه المنشآت قد تسبب أضراراً جسيمة للسكان المدنيين وللبيئة الطبيعية، لذلك يتطلب القرار بمهاجمتها، في حال أصبحت أهدافاً عسكرية، اتخاذ جميع الاحتياطات الضرورية عند الهجوم.