القاعدة 155. لا تعفي المرؤوس من المسؤولية الجزائية إطاعة أوامر عليا إذا عرف المرؤوس أنّ الفعل المأمور به كان غير قانوني، أو كان بوسعه أن يعرف ذلك بسبب الطبيعة غير القانونية الواضحة للفعل المأمور به.المجلد الثاني، الفصل 43، القسم هـ.
تكرّس ممارسة الدول هذه القاعدة كإحدى قواعد القانون الدولي العرفي بخصوص جرائم الحرب المرتكبة في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية. وهي ليست إجحافاً بوجود دفاعات أخرى، كالإكراه بالتهديد، والتي لا تتناولها هذه الدراسة.
وردت القاعدة التي مفادها أنّ الأوامر العليا لا تشكّل دفاعاً في ميثاقي المحكمتين العسكريتين الدوليتين في نورمبرغ وطوكيو.
[1]وخلال المفاوضات على البروتوكول الإضافي الأول، تقدمت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بمشروع مادة تحظر الدفاع المستند إلى الأوامر العليا إذا كان الشخص "بوسعه أن يعرف، وعلى نحو معقول، أنه يرتكب انتهاكاً جسيماً للاتفاقيات أو لهذا البروتوكول". غير أنّ هذا الاقتراح لم يُقبل، مع أنّ المبدأ المعلن في ميثاقي المحكمتين العسكريتين الدوليتين لم يُفند.
[2] وقد تنوعت أسباب عدم اعتماد هذا المشروع، وأشارت دول إلى وجود إشكالات في حصر مشروع القاعدة في الانتهاكات الجسيمة، المحدودة جداً، وحقيقة أنّ على المرؤوسين واجب الإطاعة، في حين أنّ المشروع لم يحصر المسؤولية في الأفعال التي من الواضح أنها غير قانونية.
[3] وقد أكدت الممارسة منذ المؤتمر الدبلوماسي الذي أدى إلى اعتماد البروتوكولين الإضافيين، والموجزة أدناه، الطبيعة العرفية للقاعدة التي مفادها أنّ الأوامر العليا لا تشكّل دفاعاً.
وترد هذه القاعدة في النظم الأساسية للمحكمة الجنائية الدولية، والمحكمتين الجنائيتين الدوليتين ليوغوسلافيا السابقة ورواندا، والمحكمة الخاصة لسيراليون، وفي لائحة الإدارة الانتقالية للأمم المتحدة في تيمور الشرقية رقم 2000/15.
[4] وترد الشروط، مع بعض التفاصيل، في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية: إطاعة الأوامر لا تشكّل دفاعاً إذا كان الشخص على علم بأنّ الأمر غير مشروع، أو إذا كانت عدم مشروعية الأمر ظاهرة.
[5] كما تنصّ اتفاقية مناهضة التعذيب، والاتفاقية الأمريكية بشأن الاختفاء القسري للأشخاص، على أنّ الأوامر العليا لا يمكن أن تشكّل دفاعاً.
[6]وتنصّ عدة كتيّبات عسكرية وتشريعات الكثير من الدول على أنّ الأوامر العليا لا تشكّل دفاعاً في حال علم الجاني أو كان بوسعه أن يعلم أنّ الفعل الذي تلقى الأمر بشأنه غير قانوني.
[7] وتستثني كتيّبات عسكرية وتشريعات وطنية أخرى هذا الدفاع في حال كان من الواضح أنّ الفعل غير مشروع، دون الإشارة إلى أي عنصر ذهني معيّن.
[8]مع ذلك، يمكن الاستنتاج أنه، وفي حال كان من الواضح أنّ الفعل غير قانوني، يُفترض بالمرؤوس على الأقل أن يعلم، إذا لم يعلم حقاً، بأنّ الفعل الذي تلقى الأمر بشأنه غير مشروع. وقد توصلت عدة أحكام في قضايا حديثة العهد، وبعضها يتعلق بنزاعات مسلحة غير دولية، وبشكل أساسي، إلى الاستنتاج نفسه.
[9] ولا توجد ممارسة مناقضة تتعلق بالأفعال التي من الواضح أنها غير قانونية. غير أنّ الممارسة الوحيدة التي تشير إلى عدم مشروعية الفعل الذي أُمر به، دون شرط العلم بعدم المشروعية هذه، ليست واسعة الانتشار، وليست منتظمة بما فيه الكفاية لتكرّس قاعدة في القانون الدولي العرفي.
توجد ممارسة واسعة مفادها أنّ إطاعة الأمر بارتكاب جريمة حرب يمكن أن يؤخذ بالحسبان في تخفيف العقوبة، إذا رأت المحكمة أن العدالة تقتضي ذلك. وتشمل هذه الممارسة ميثاقي المحكمتين العسكريتين الدوليتين في نورمبرغ وطوكيو، والنظم الأساسية للمحكمتين الجنائيتين الدوليتين ليوغوسلافيا السابقة ورواندا، والمحكمة الخاصة لسيراليون، وكذلك لائحة الإدارة المؤقتة للأمم المتحدة في تيمور الشرقية رقم 2000/15.
[10]وبالإضافة إلى ذلك، توجد ممارسة واسعة لدول في هذا الشأن في كتيّبات عسكرية، وتشريعات وطنية، وبيانات رسمية.
[11] غير أنّ بعض الدول تستثني تخفيف العقوبة للانتهاكات المرتكبة تبعاً لأوامر من الواضح أنها غير قانونية.
[12] وفي تقريره المرفوع إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن مشروع النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة في العام 1993، أشار الأمين العام للأمم المتحدة إلى إمكانية تخفيف العقوبة في حال إطاعة أوامر عليا.
[13] كما تضمّن التقرير الختامي للجنة خبراء الأمم المتحدة التي أنشئت تبعاً لقرار مجلس الأمن 935 (1994)، للنظر في انتهاكات القانون الدولي الإنساني المرتكبة في رواندا، إشارة مماثلة.
[14]