القاعدة 117. يتخذ كلّ طرف في النزاع الإجراءات المستطاعة للإفادة عن الأشخاص الذين يبلغ عن فقدهم نتيجة لنزاع مسلح، ويزود أفراد عائلاتهم بأّيّة معلومات لديه عن مصيرهم.المجلد الثاني، الفصل 36، القسم أ.
تكرّس ممارسة الدول هذه القاعدة كإحدى قواعد القانون الدولي العرفي المنطبقة في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية. إنّ واجب الإفادة عن الأشخاص المفقودين يتماشى مع حظر الاختفاء القسري (انظر القاعدة 98) وضرورة احترام الحياة العائلية (انظر القاعدة 105) ويدعم هذه القاعدة واجب تسجيل كافة المعلومات المتوفرة عن الموتى قبل تدبير أمر جثثهم (انظر القاعدة 116) وتطبق كلّ القواعد المذكورة أعلاه في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية.
تنصّ اتفاقيات جنيف على إنشاء مكاتب الإستعلامات، التي يقوم دورها على جميع المعلومات مركزياً عن أسرى الحرب والمدنيين الذين ينتمون للطرف المعادي، ونقل هذه المعلومات للطرف المعني، وفتح التحقيقات للكشف عن مصير الأشخاص المفقودين.
[1] وتطلب اتفاقية جنيف الرابعة من أطراف النزاع أن يَسهّل البحث الذي يجريه أشخاص يبحثون عن أقارب لهم فرّقهم النزاع.
[2] كما يطلب البروتوكول الإضافي الأول من كلّ طرف من أطراف النزاع البحث عن الأشخاص الذين أبلغ الطرف المعادي عن فقدهم.
[3] كما يرد واجب الإفادة عن الأشخاص المفقودين في العديد من الاتفاقات التي عقدت بين أطراف في نزاعات مسلحة دولية وغير دولية.
[4] وينصّ عدد من كتيّبات الدليل العسكري على القاعدة التي تطلب من أطراف النزاع أن تبحث عن الأشخاص المفقودين.
[5]كما ترد هذه القاعدة في بعض التشريعات الوطنية.
[6] وتدعمها بيانات رسمية.
[7] وهناك أيضاً تقارير حول ممارسة مادية تدعم هذه القاعدة.
[8] وتشمل هذه الممارسة، تلك الخاصة بدول ليست، أو لم تكن في حينه، أطرافاً في البروتوكول الإضافي الأول.
[9]وقد طالبت دول ومنظمات دولية في عدّة مناسبات بالإفادة عن الأشخاص المفقودين نتيجة للنزاعات في البوسنة والهرسك، وقبرص، وتيمور الشرقية، وغواتيمالا، وكوسوفو، ويوغوسلافيا السابقة.
[10] ويشكّل إنشاء منصب خبير العملية الخاصة بشأن الأشخاص المفقودين في أراضي يوغوسلافيا السابقة، دليلاً إضافياً على ما ينتظره المجتمع الدولي بوجوب إيضاح مصير الأشخاص المفقودين.
[11]وبالإضافة إلى القرارات الخاصة بدول محدّدة، تنصّ عدة قرارات تم اعتمادها على الصعيد الدولي، ولقيت دعماً واسعاً جداً ودون أصوات معارضة، على الواجب العام بإيضاح مصير الأشخاص المفقودين. وعلى سبيل المثال، ففي قرارا تم اعتماده في العام 1974، بشأن المساعدة والتعاون في الإفادة عن الأشخاص المفقودين أو الموتى جرّاء النزاعات المسلحة، دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة أطراف النزاعات المسلحة، بغضّ النظر عن طابعها، "أن تقوم بكل ما باستطاعتها ... لتوفير المعلومات عن الأشخاص المفقودين جرّاء النزاع".
[12] وفي قرار بشأن الأشخاص المفقودين، تم اعتماده في العام 2002، أعادت لجنة حقوق الإنسان التأكيد على وجوب قيام كلّ طرف من أطراف النزاع "بالتفتيش عن الأشخاص الذين أعلن الطرف المعادي عن فقدهم".
[13] وعندما تم اعتماد هذا القرار، كانت الهند، وإندونيسيا، واليابان، وماليزيا، وباكستان، والسودان، وتايلاند، أعضاء في اللجنة، لكنها لم تكن قد صدّقت بعد على البروتوكولين الإضافيين. كما حثّ المؤتمر الدولي السادس والعشرون للصليب الأحمر والهلال الأحمر عام 1995، بشدة كافة أطراف النزاعات المسلحة" أن تزوّد عائلات الأشخاص المفقودين بمعلومات عن مصير أقاربهم".
[14] وتطلب خطة العمل للسنوات 2000-2003، والتي تم اعتمادها من قبل المؤتمر السابع والعشرين للصليب الأحمر والهلال والأحمر عام 1999، من كافة الأطراف في النزاعات المسلحة أن تبذل "كافة الجهود لتبيان مصير جميع الأشخاص المفقودين، وإبلاغ نتيجة البحث إلى عائلاتهم".
[15] وتُظهر القوانين الجزائية والانضباطية لجيش/الحركة الشعبية لتحرير السودان أنّ الأطراف من غير الدول ترى أيضاً أنّ من الضروري أن يتمّ الاحتفاظ بسجلات عن العسكريين بهدف تسهيل البحث عن الأشخاص المفقودين.
[16]تشير الممارسة إلى أنّ الدافع لهذه القاعدة يقوم على حقّ العائلات في معرفة مصير أقاربها المفقودين. ويرد هذا الأمر بشكل ضمني في المادة 26 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تنصّ على واجب الدول بتسهيل البحث الذي يقوم به أفراد العائلات التي تفرّقت نتيجة نزاع مسلح.
[17] كما يذكر البروتوكول الإضافي الأول، وبشكل صريح، أنه عند تنفيذ أحكام القسم المتعلّق بالأشخاص المفقودين والموتى، بما في ذلك واجب البحث عن الأشخاص الذين أفيد عن فقدهم، يجب أن تكون أنشطة الدول، وأطراف النزاع، والمنظمات الإنسانية الدولية قائمة على "الحافز الأساسي والمتمثل في حقّ كل أسرة في معرفة مصير أفرادها".
[18] ويشير تفسير هذه الجملة بناء على المعنى العادي لكلماتها والسياق الذي وردت فيه إلى أنّ حقّ العائلات في معرفة مصير أفرادها كان موجوداً قبل اعتماد البروتوكول الإضافي الأول، وأنّ الواجبات التي وضعها البروتوكول والمتعلّقة بالأشخاص المفقودين (المادة 33) ومعاملة رفات الموتى (المادة 34) تقوم على هذا الحق.
[19] كما يرد حقّ العائلات في معرفة مصير أفرادها في صكوك دولية أخرى.
[20]ويشدّد عدد من كتيّبات الدليل العسكري، وبيانات رسمية، وممارسة أخرى على حقّ العائلات في معرفة مصير أفرادها.
[21] وتشمل هذه الممارسة تلك الخاصة بدول ليست، أو لم تكن في حينه، أطرافاً في البروتوكول الإضافي الأول.
[22] وتشير مذكرة توضيحية رفعتها الحكومة الألمانية للبرلمان في إطار إجراءات التصديق على البروتوكولين الإضافيين إلى أنّ المادة 32 من البروتوكول الإضافي الأول لا تمنح أقارب الأشخاص المفقودين الحقّ الشخصي في الحصول على معلومات عن أقاربهم، ولكنها الدولة الوحيدة التي قدمت مثل هذا البيان.
[23]وتجدر الإشارة إلى أنّ جيش/الحركة الشعبية لتحرير السودان تنشر أسماء الأشخاص الذين يقعون في قبضتها أثناء العمليات العسكرية، وتفاصيل أخرى عنهم، وتدعي القيام بهذا الأمر من أجل مصلحة عائلات من وقعوا في الأسر.
[24] كذلك يدعم عدد من القرارات المعتمدة من قبل منظمات ومؤتمرات دولية حقّ العائلات في معرفة مصير أفرادها. على سبيل المثال، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار اعتمدته في العام 1974، أن "الرغبة في معرفة مصير الأحباء المفقودين في نزاعات مسلحة هي حاجة إنسانية أساسية يجب تبليتها إلى أقصى حد ممكن".
[25] وفي قرار تم اعتماده في العام 2002، أعادت لجنة حقوق الإنسان التأكيد على "حقّ العائلات في معرفة مصير أفرادها المعلن عن فقدهم جرّاء نزاع مسلح".
[26] كذلك يدعم قرار صادر عن البرلمان الأوروبي، وتوصيات من الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، حقّ العائلات في معرفة مصير أفرادها.
[27]وقد اعتمد المؤتمر الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر قرارات في الأعوام 1986، و1995، و 1999 تشدّد على حقّ العائلات في إبلاغها بمصير أفرادها.
[28] كذلك شدّد البيان الختامي الذي تم اعتماده من قبل المؤتمر الدولي لحماية ضحايا الحرب في العام 1993، على عدم حرمان عائلات الأشخاص المفقودين من المعلومات المتعلقة بمصير أفرادها.
[29] وقد تم اعتماد هذه القرارات الأربعة بدعم من دول لم تكن أطرافاً في البروتوكول الإضافي الأول، وجرت صياغتها بعبارات عامة، مع تعمّد عدم حصرها بالنزاعات المسلحة الدولية.
وتؤكّد سوابق قضائية للجنة حقوق الإنسان، وهيئات إقليمية لحقوق الإنسان، على حظر تعمّد الامتناع عن إعطاء معلومات عن الأشخاص المفقودين لعائلاتهم. فقد ذكرت اللجنة أنّ عمليات الإخفاء انتهاك جسيم لحقوق عائلة الشخص المختفي، وتسبب معاناة وأوقاتاً عصيبة، وغالباُ ما تكون طويلة، مشحونة بالقلق الروحي نتيجة للشكوك حول مصير أحبائها.
[30]وقد وجدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في عدة قضايا أنّ الامتناع عن إعطاء المعلومات لعائلات أشخاص تحتجزهم قوات أمن، أو السكوت في حال الأشخاص المفقودين أثناء نزاع مسلح، يصل إلى حد من القسوة يرقى إلى درجة المعاملة غير الإنسانية.
[31] كما عبّرت المحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان عن وجهة النظر نفسها عندما رأت أنّ على الدولة أن تستخدم كافة الوسائل المتاحة لها من أجل إعلام الأقارب بمصير الأسخاص المفقودين.
[32] وبالإضافة إلى ذلك، ذكرت المحكمة أنّه، وفي حال وفاة أحد الضحايا، على الدولة أن تعطي معلومات للأقارب عن المكان الذي توجد فيه رفات المتوفى
[33] كذلك رأت المفوضية الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب أن "احتجاز فرد من دون السماح له بأيّ اتصال بعائلته، ورفض إعلام العائلة إن كان محتجزاً، أو رفض إعلامها بشأن ظروف احتجازه، يشكّل معاملة غير إنسانية للمحتجز وعائلته".
[34]وينصّ الميثاق الأفريقي لحقوق ورفاهية الطفل أنّه، وفي حال افتراق العائلات بسبب عمل قامت به الدولة، يتعيّن على الدولة أن تؤمّن للأطفال المعلومات الأساسية المتعلقة بمكان وجود أفراد عائلاتهم.
[35] كما ينصّ الميثاق أيضاً على أنّه، وفي حال كان سبب الافتراق تهجيراً داخلياً أو خارجياً ناتجاً عن نزاع مسلح، يتعيّن على الدول أن تتخذ كافة الإجراءات الضرورية من أجل البحث عن أهل الأطفال أو أقربائهم.
[36] كما أنّ الالتزام بالإفادة عن الأشخاص المفقودين هو التزام ببذل عناية. على كلّ طرف من أطراف النزاع أن يبذل كلّ جهد مستطاع في هذا الخصوص. ويشمل هذا الأمر البحث عن الأشخاص الذين أفيد عن فقدهم نتيجة النزاع، وكذلك تسهيل البحث عنهم. كذلك على كلّ طرف من أطراف النزاع، وكجزء من هذا الواجب، أن يحتفظ بسجلات عن الموتى والأشخاص المحرومين من حريتهم (انظر القاعدتين 116 و123) بينما واجب تقديم هذه المعلومات المتوفرة هو التزام بتحقيق نتيجة.
وتقترح الممارسة أنّ عملية نبش القبور يمكن أن تشكّل طريقة ملائمة لتحديد مصير الأشخاص المفقودين.
[37] وتشير الممارسة أيضاً إلى أنّ الطرق الممكنة للسعي من أجل الإفادة عن الأشخاص المفقودين تتضمّن إنشاء لجان خاصة أو آليات بحث أخرى. ومن الأمثلة على ذلك، لجنة كرواتيا للبحث عن الأشخاص المفقودين أثناء أنشطة الحرب في جمهورية كرواتيا، التي أنشئت في العام 1991، وأعيد تنظيمها في العام 1993.
[38] وحيت تنشأ مثل هذه اللجان، على الأطراف واجب التعاون بحُسن نية مع بعضها البعض، ومع هذه اللجان، إذ من الواضح أنّ التعاون مفتاح نجاحها. ومن الممكن أن تكون اللجنة الدولية للصليب الأحمر أو غيرها من المنظمات جزءاً من هذه اللجان. وتنصّ نشرة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن امتثال قوات الأمم المتحدة للقانون الدولي الإنساني على وجوب تسهيل قوات الأمم المتحدة لعمل الوكالة المركزية للبحث عن المفقودين التابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر.
[39] ويمكن إيجاد تفاصيل إضافية بشأن النزاعات المسلحة الدولية في اتفاقية جنيف الرابعة والبرتوكول الإضافي الأول.
[40]وتشير الممارسة إلى أنّ واجب الإفادة عن الأشخاص المفقودين ينشأ، على أبعد حد، بعد أن يقوم الطرف المعادي بالإبلاغ عن الأشخاص المفقودين. وتنصّ كتيّبات الدليل العسكري لكينيا، وهولندا، ونيوزيلندا، على أنّ هذا الواجب ينشأ "ما إن تسمح الظروف" بذلك، أو "في أسرع وقت ممكن".
[41] وفي بيان رسمي في العام 1987، أعلنت الولايات المتحدة دعمها للقاعدة التي تقول بأنّ عملية البحث عن الأشخاص المفقودين يجب أن تبدأ "عندما تسمح الظروف، وعند انتهاء العمليات العدائية، على أبعد تقدير".
[42] ويطلب قانون أذربيجان بخصوص حماية الأشخاص المدنيين وحقوق أسرى الحرب أن يبدأ البحث" عند أول فرصة، وبعد انتهاء العمليات العسكرية الفعلية، على أبعد تقدير".
[43]وفي قرار تم اعتماده في العام 1974، دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة أطراف النزاعات المسلحة أن توفر المعلومات عن الأشخاص المفقودين في العمليات العسكرية،" وبغضّ النظر عن طابع النزاعات أو مكانها، وأثناء العمليات العدائية وبعد انتهائها".
[44] وفي قرار بشأن الأشخاص المفقودين، تم اعتماده عام 2002، أعادت لجنة حقوق الإنسان التأكيد على أن "على كلّ طرف من أطراف نزاع مسلح، البحث عن الأشخاص الذين أفيد عن فقدانهم من قبل الطرف المعادي، وذلك ما إن تسمح الظروف بذلك، وعند انتهاء العمليات العدائية الفعلية، على أبعد تقدير".
[45]