القاعدة 45. يُحظر استخدام أساليب أو وسائل للقتال يُقصد بها أو يُتوقع منها أن تُسبب أضراراً بالغة، واسعة الانتشار وطويلة الأمد بالبيئة الطبيعية. ولا يُستخدم تدمير البيئة الطبيعية كسلاح.المجلد الثاني، الفصل 14، القسم ج.
تكرّس ممارسة الدول هذه القاعدة كإحدى قواعد القانون الدولي العرفي المنطبقة في النزاعات المسلحة الدولية، وأيضاً، بشكل قابل للجدل، في النزاعات المسلحة غير الدولية. ويبدو أنّ الولايات المتحدة "معترض دائم" على القسم الأول من هذه القاعدة. إلى ذلك، فإنّ فرنسا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة "معترض دائم" في ما يتعلق بتطبيق القسم الأول من هذه القاعدة على استخدام الأسلحة النووية.
تحظر المادة 35 (3) من البروتوكول الإضافي الأول استخدام "أساليب أو وسائل للقتال يُقصد بها أو قد يُتوقع منها أن تلحق بالبيئة الطبيعية أضراراً بالغة واسعة الانتشار وطويلة الأمد".
[1] ويرد هذا الحظر أيضاً في المادة 55 (1) من البروتوكول ذاته.
[2] ومن الواضح أن هذه الأحكام كانت جديدة عند اعتمادها. وعند التصديق على البروتوكول الإضافي الأول، ذكرت فرنسا والمملكة المتحدة أنّ خطر الأضرار البيئية الواقعة ضمن نطاق هذه الأحكام يجب أن يقيّم "بشكل موضوعي على أساس المعلومات المتوفرة حينذاك".
[3]مع ذلك، ومنذ ذلك الحين، نشأت ممارسة بارزة مفادها أنّ هذا الحظر أصبح عرفياً. وينصّ كثير من كتيّبات الدليل العسكري على هذا الحظر.
[4] وبمقتضى تشريعات العديد من الدول، يشكّل التسبب بأضرار بالغة، واسعة الانتشار وطويلة الأمد بالبيئة جرماً.
[5] وتشمل هذه الممارسة تلك الخاصة بدول ليست، أو لم تكن في حينه، أطرافاً في البروتوكول الإضافي الأول.
[6] وأشارت عدة دول في مرافعاتها المحالة إلى محكمة العدل الدولية في قضية الأسلحة النووية وقضية (منظمة الصحة العالمية) بخصوص الأسلحة النووية أنها تعتبر القواعد الواردة في المادتين 35 (3) و55 (1) من البروتوكول الإضافي الأول عرفيّة.
[7] وفي السياق ذاته، بدا رأي لدول أخرى مفاده أنّ هذه القواعد عرفية، إذ ذكرت أنّ على أي طرف في النزاع أن يتقيّد بهذه القاعدة أو أن يتجنّب استخدام أساليب أو وسائل للقتال قد تدمّر البيئة أو تُلحق بها آثاراً رهيبة.
[8] ويذكر التقرير بشأن ممارسة إسرائيل، التي ليست طرفاً في البروتوكول الإضافي الأول، أنّ قوات الدفاع الإسرائيلية لا تستخدم ولا تتغاضى عن استخدام أساليب أو وسائل للقتال يُقصد بها، أو قد يُتوقع منها، أن تسبب أضراراً بالغة، واسعة الانتشار وطويلة الأمد بالبيئة.
[9] وذكرت الولايات المتحدة، في العام 1991، في إجابة على مذكرة من اللجنة الدولية للصليب الأحمر بشأن انطباق القانون الدولي الإنساني في منطقة الخليج، أن "ممارسة الولايات المتحدة لا تتضمّن أساليب القتال التي قد تشكّل أضراراً بالغة، واسعة الانتشار وطويلة الأمد بالبيئة".
[10] وتتضمّن ممارسة أخرى ذات صلة بالمسألة ذاتها إدانات لدول ليست، أو لم تكن في حينه، أطرافاً في البروتوكول الإضافي الأول لقيامها المزعوم "بالإبادة البيئية"، أو "التدمير الشامل للبيئة"، أو بسبب انتهاك المادتين 35 (3) و55 (1) من البروتوكول الإضافي الأول.
[11]ويتكرّر حظر إصابة البيئة الطبيعية بأضرار بالغة، واسعة الانتشار وطويلة الأمد أيضاً في "الإرشادات بشأن حماية البيئة زمن النزاع المسلح"، وفي نشرة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن تقيّد قوات الأمم المتحدة بالقانون الدولي الإنساني.
[12] واعتبرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في ورقة العمل التي أعدتها بشأن جرائم الحرب، والتي قدمتها في العام 1997 للجنة التحضيرية لإنشاء محكمة جنائية دولية، أن "تعمّد التسبب بأضرار بالغة، واسعة الانتشار وطويلة الأمد بالبيئة الطبيعية" جريمة حرب.
[13] ويعرّف النصّ النهائي الذي تم الاتفاق عليه بشأن جريمة الحرب المتضمّن في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية جريمة الحرب هذه كَـ"تعمّد شن هجوم مع العلم بأنّ هذا الهجوم سيسفر عن... ضرر واسع النطاق، وطويل الأجل، وشديد للبيئة الطبيعية يكون إفراطه واضحاً بالقياس إلى مجمل المكاسب العسكرية المتوقعة الملموسة والمباشرة".
[14] وهكذا، يكرّس النظام الأساسي شرطاً إضافياً بالنسبة لتجريم الحظر الوارد في هذه القاعدة.
ومع ذلك، يوجد مقدار معيّن من الممارسة يشير إلى شك بالطبيعة العرفية للقاعدة في البروتوكول الإضافي الأول، وعلى الأخص بالنسبة لعبارة "قد يُتوقع أن يسبب". فقد جاء في المرافعات المحالة من المملكة المتحدة والولايات المتحدة إلى محكمة العدل الدولية في قضية
الأسلحة النوويةأن المادتين 35 (3) و55 (1) من البروتوكول الإضافي الأول ليستا عرفيتين.
[15] وبدا أن المحكمة أيضاً تعتبر أنّ القاعدة ليست عرفية، إذ أشارت فقط إلى انطباق هذا النص على "الدول التي أقرّت هذه الأحكام".
[16] وعند التصديق على الاتفاقية الخاصة بأسلحة تقليدية معيّنة والتي تذكّر في ديباجتها بالقاعدة الواردة في المادتين 35 (3) و55 (1) من البروتوكول الإضافي الأول، قدمت فرنسا والولايات المتحدة بياناً تفسيرياً مفاده أن هذه ليست قاعدة عرفية.
[17] وجاء التقرير النهائي للجنة التي أنشئت للنظر في حملة القصف التي قام بها حلف شمال الأطلسي ضد جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية أقل وضوحاً، إذ ذكر أن المادة 55 من البروتوكول الإضافي الأول "يمكن... أن تعكس القانون العرفي الحالي".
[18]يبدو أنّ مسألة طبيعة القانون العرفي للقاعدة كما صيغت في بنود متتالية في البروتوكول الإضافي الأول قد أثارت موقفاً لفرنسا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، التي لها مقدار معيّن من الممارسة التي تشير إلى قبولها القاعدة شريطة أن تطبّق على الأسلحة التقليدية دون الأسلحة النووية. ويتّضح هذا الموقف في دليل قانون النزاعات المسلحة للمملكة المتحدة ودليل قائد القوات الجوية للولايات المتحدة،
[19] وفي تحفظات فرنسا والمملكة المتحدة عند التصديق على البروتوكول الإضافي الأول ومفاده أنّ البروتوكول لا يطبّق على الأسلحة النووية.
[20] ولذا، فإنّ هذا الموقف، بالإضافة إلى بيانات فرنسا والمملكة المتحدة والتي مفادها أنّ المادتين 35(3) و55(1) ليستا عرفيتين،
[21] يعني أنّ الاعتقاد القانوني opinio juris لهذه الدول الثلاث يفيد بأنّ هذه القواعد، بحد ذاتها، لا تحظر استخدام الأسلحة النووية.
وتُظهر الممارسة بخصوص أساليب القتال واستخدام الأسلحة التقليدية، قبولاً واسع النطاق، نموذجياً، وموحداً بشكل فعلي لطبيعة القانون العرفي للقاعدة الموجودة في المادتين 35(3) و55(1) من البروتوكول الإضافي الأول. وممارسة فرنسا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة المخالفة في هذا الشأن ليست ثابتة تماماً. فبياناتها التي تفيد في سياق معيّن أنّ هذه القواعد ليست عرفية، تناقض بيانات في سياق آخر (على الأخص في كتيّبات الدليل العسكري) حيث يشار فيها إلى أن القاعدة ملزمة ما دامت لا تطبّق على الأسلحة النووية.
[22] وبما أنّ هذه الدول الثلاث ليست دولاً "متأثرة بشكل خاص" في ما يتعلق بالإصابة بهذا النوع من الضرر، فهذه الممارسة المخالفة لا تكفي أن تمنع نشوء هذه القاعدة العرفية. غير أنّ هذه الدول الثلاث متأثرة بشكل خاص في ما يتعلق بامتلاكها أسلحة نووية، وقد كان رفضها لتطبيق هذه القاعدة عينها على مثل هذه الأسلحة ثابتاً منذ تبني هذه القاعدة في صيغة معاهدة في العام 1977. ولذلك، إذا كان مبدأ "المعترض الدائم" ممكناً في سياق القواعد الإنسانية، فهذه الدول الثلاث ليست ملزمة بهذه القاعدة عينها في ما يتعلق بأي استخدام لأسلحة نووية. مع ذلك، تجدر الإشارة أنّ هذا لا يمنع اعتبار أنّ أي استخدام لأسلحة نووية أمر غير شرعي على أساس قواعد أخرى، كحظر الهجمات العشوائية (انظر القاعدة 11) ومبدأ التناسب (انظر القاعدة 14) على سبيل المثال.
توجد ممارسة واسعة للدول تحظر التدمير العمد للبيئة الطبيعية كشكل من أشكال السلاح. وتحظر اتفاقية تعديل البيئة التعديل العمد للبيئة من أجل التسبب بآثار بالغة، واسعة الانتشار وطويلة الأمد كوسيلة من وسائل تدمير دولة أخرى طرف في الاتفاقية أو إلحاق الضرر أو الأذى بها.
[23] والفرق بين هذا النص والآخر الوارد في البروتوكول الإضافي الأول أنّ الأخير يشير أساساً إلى الآثار بينما تشير اتفاقية تعديل البيئة إلى الاستعمال العمد لتقنيات تعديل البيئة. وليس واضحاً إن كانت نصوص هذه الاتفاقية تعتبر عرفية الآن. فمن جهة، يبدو أنّ كتيّبات الدليل العسكري لإسرائيل، وكوريا الجنوبية، ونيوزيلندا تشير إلى أنّ المعاهدة تلزم الدول الأطراف فيها فقط.
[24] ومن جهة أخرى، تورد إندونيسيا التي ليست طرفاً في اتفاقية تعديل البيئة هذه القاعدة في دليلها العسكري.
[25] وتتضمّن "الإرشادات بشأن حماية البيئة زمن النزاع المسلح" هذه القاعدة.
[26] وتدعو الجمعية العامة للأمم المتحدة، في قرار بشأن الأمم المتحدة وعشر سنوات من القانون الدولي، تم اعتماده دون تصويت في العام 1994، جميع الدول أن تنشر هذه الإرشادات بشكل واسع.
[27] وفي المؤتمر الثاني لمراجعة اتفاقية تعديل البيئة في العام 1992، ذكرت الولايات المتحدة أنّ الاتفاقية تعكس "إجماع المجتمع الدولي على وجوب عدم استخدام البيئة بحد ذاتها كأداة حرب".
[28]وبالإضافة إلى القواعد المحددة التي تتضمنها اتفاقية تعديل البيئة، توجد ممارسة بارزة تحظر الهجوم العمد على البيئة كأسلوب من أساليب الحرب. فتشريعات عدة دول تجرّم "الإبادة البيئية".
[29] والقانون الجزائي لإستونيا يحظر التأثير على البيئة كأسلوب من أساليب الحرب.
[30] وأدانت يوغوسلافيا ما أسمته "الإبادة البيئية" في ما يتعلق بهجوم حلف شمال الأطلسي على مصنع البتروكيميائيات في العام 1999.
[31] وذكر العراق، في رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة في العام 1991، أنه لن يستخدم البيئة والموارد الطبيعية "كسلاح".
[32] وذكرت الكويت، في رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة في العام ذاته، أن البيئة والموارد الطبيعية يجب ألّا تستخدم "كسلاح إرهاب".
[33] وفي مناقشة في اللجنة السادسة للجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1991، قالت السويد في إشارة إلى تدمير البيئة من قبل القوات العراقية إنّ هذا الأمر "شكل غير مقبول من الحرب في المستقبل".
[34] وفي السياق ذاته، ذكرت كندا أن "البيئة بصفتها هذه يجب ألّا تشكّل محلاً للهجوم المباشر".
[35] ويجدر أيضاً ذكر البيان، الذي تم اعتماده في العام 1991 من قبل وزراء البيئة لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، والذي أدان حرق حقول النفط، وإفراغ النفط في الخليج من قبل العراق، كانتهاك للقانون الدولي، وحثّ العراق على التوقف عن اللجوء إلى تدمير البيئة كسلاح.
[36]لذلك، وبغض النظر عما إذا كانت نصوص اتفاقية تعديل البيئة بحد ذاتها عرفية، توجد ممارسة واسعة النطاق، نموذجية وموحدة بشكل كاف لنستخلص أنه لا يجوز استخدام تدمير البيئة الطبيعية كسلاح.
إنّ انطباق هذه القاعدة بجزئيها على النزاعات المسلحة غير الدولية أقل وضوحاً منه بالنسبة للنزاعات المسلحة الدولية. وفي العام 1974، تم اعتماد اقتراح من اللجنة الثالثة للمؤتمر الدبلوماسي الذي أدى إلى اعتماد البروتوكولين الإضافيين بتضمين البروتوكول الإضافي الثاني القاعدة ذاتها الواردة في المادة 35(3) من البروتوكول الإضافي الأول، ولكن رُفض ذلك الاقتراح في العام 1977.
[37] والسبب لتغيير هذا الرأي ليس واضحاً، ولكن من الممكن أن يكون ذلك قد ارتبط بعملية التبسيط التي جرت في المراحل الأخيرة من المفاوضات من أجل تأمين اعتماد البروتوكول الثاني. وترد هذه القاعدة في صكوك قانونية أخرى تتعلق أيضاً بالنزاعات المسلحة غير الدولية.
[38]وتتضمن كتيبات الدليل العسكري المنطبقة، أو التي جرى تطبيقها، في النزاعات المسلحة غير الدولية هذه القاعدة.
[39] وعلاوة على ذلك، فقد تبنت دول كثيرة تشريعات تجرّم "الإبادة البيئية" أو التسبب العمد "بأضرار بالغة، واسعة الانتشار وطويلة الأمد بالبيئة الطبيعية" في أي نزاع مسلح.
[40] وتوجد إدانات قليلة تتعلق بأضرار بيئية حدثت في نزاعات مسلحة غير دولية.
[41] ومعظم البيانات الرسمية التي تدين أضراراً بيئية في نزاع مسلح، ذات طبيعة عامة ولا تبدو أنها تقتصر على نزاعات مسلحة دولية.
مع ذلك، وحتى لو لم تكن هذه القاعدة عرفية بعد، فإنّ التوجهات الحالية نحو حماية أوسع للبيئة، ونحو تكريس قواعد تنطبق في النزاعات المسلحة غير الدولية، تعني أنّ من المحتمل أن تصبح عرفية في وقت قصير. وهذا صحيح بشكل بارز، إذ إنّ الضرر الأعظم بالبيئة نادراً ما يحترم الحدود الدولية، ولأن التسبب بمثل هذا الضرر يمكن أن ينتهك قواعد أخرى تطبّق في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، كحظر الهجمات العشوائية (انظر القاعدة 11).
ما يميز هذه القاعدة عن تلك التي تطلب أن تطبّق على البيئة القواعد العامة للقانون الدولي الإنساني المنطبقة على الأعيان المدنية (انظر القاعدة 43) أنّها مطلقة. فإذا جرى التسبب بأضرار بالغة، واسعة الانتشار وطويلة الأمد، أو استخدمت البيئة الطبيعية كسلاح، فليس من داع للبحث في ما إذا كان من مبرّر لهذا السلوك أو لهذه النتيجة على أساس الضرورة العسكرية، أو إذا كانت الأضرار العارضة مفرطة. ولهذا السبب، فإن عبارة "بالغة، واسعة الانتشار وطويلة الأمد" في البروتوكول الإضافي الأول تفرض حداً عالياً جداً. فالشروط الثلاثة تراكمية، وعبارة "طويلة الأمد" فهمتها الدول التي اعتمدتها على أنها تعني عقوداً. وذكرت اللجنة التي أنشئت للنظر في حملة القصف التي قام بها حلف شمال الأطلسي ضد جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية في تقريرها النهائي في العام 2000 أنّ الحد كان عالياً جداً مما جعل من الصعب إيجاد انتهاك. وأشار التقرير إلى أنه ولهذا السبب لم يتم اتفاق حول ما إذا كانت الأضرار في حرب الخليج قد تخطّت هذا الحد.
[42] وفي تقريرها إلى الكونغرس في العام 1992، شكّكت وزارة الدفاع الأمريكية في ما إذا كانت الأضرار قد وصلت إلى حد أضرار "طويلة الأمد".
[43]وتعرّف "الإبادة البيئية" في القوانين الجزائية لبلدان الاتحاد السوفيتي السابق على أنها "دمار شامل للحياة النباتية والحيوانية، وتسميم للجو أو للثروة المائية، بالإضافة إلى أفعال أخرى قادرة على إحداث كارثة بيئية".
[44] أما القانون الجزائي لفيتنام فيشير إلى "تدمير البيئة الطبيعية".
[45]وانتهاك هذه القاعدة يقتضي حتماً إمكانية وجود معرفة أو استدلال على أنّ أسلوباً أو وسيلة للقتال تسبب، أو ربما تسبب، أضراراً بالغة، واسعة الانتشار وطويلة الأمد للبيئة، مما يستلزم وجود فهم لأنماط القتال التي تنتج عنها هذه العواقب الفاجعة وأية أنماط من البيئة تقع عليها هذه العواقب. وهذا يعني، إذا قُرئ والقاعدة 44 معاً، أنّ أطراف النزاع ملزمة بالاطلاع بنفسها، قدر المستطاع، على النتائج المحتملة لأفعالها المخطط لها والإحجام عن الأفعال التي من الممكن أن يُتوقع منها التسبب بأضرار بالغة، واسعة الانتشار وطويلة الأمد بالبيئة. وتذكر اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تقرير رفعته في العام 1993 إلى الأمين العام للأمم المتحدة بشأن حماية البيئة زمن النزاع المسلح ما يلي:
ليس من السهل المعرفة مسبقاً، وعلى نحو دقيق، ما سيكون عليه مدى وأمد بعض الأفعال الضارة بالبيئة؛ وهناك ضرورة للحد قدر المستطاع من الأضرار البيئية حتى في الحالات التي لا يكون فيها الإيفاء بتفسير دقيق لمعيار بالغة، واسعة الانتشار وطويلة الأمد "مؤكداً".
[46]وعلى العكس من البروتوكول الإضافي الأول، فإنّ اتفاقية تعديل البيئة لا تتضمّن معياراً تراكمياً، وتعرّف الاتفاقية مصطلح "طويل الأمد" على أنّه "يدوم لفترة أشهر، أو ما يقارب الفصل".
[47] وقد أشير إلى هذا الفرق لأن اتفاقية تعديل البيئة تشير إلى التلاعب العمد بالبيئة بدلاً من النتيجة المقصودة أو المتوقعة على البيئة. ومن البارز أنّ الدول الأطراف في اتفاقية تعديل البيئة اعتمدت في العام 1992 تفسيراً للاتفاقية يحظر استخدام مبيدات الأعشاب إذا ما استخدمت لتعديل بيئي ينتج عنه إخلال بالتوازن البيئي لمنطقة ما.
[48] وجاء هذا التفسير بناءً على رغبة دول أطراف في الاتفاقية بألّا تقتصر الاتفاقية على أسلحة من طراز الخيال العلمي، وبالتالي يعكس اهتماماً بتوفير حماية أعظم للبيئة أثناء النزاع المسلح.
[49]