القاعدة 38. يحترم كل طرف في النزاع الممتلكات الثقافية:أ- يجب إيلاء اهتمام خاص في العمليات العسكرية لتجنب الإضرار بالمباني المخصّصة لأغراض دينية أو فنية أو علمية أو تربوية أو خيرية وبالآثار التاريخية ما لم تكن أهدافاً عسكرية.ب- يجب ألّا تكون الممتلكات ذات الأهمية العظيمة للتراث الثقافي لأي شعب محلاً للهجوم إلّا في الحالات التي تستلزمها الضرورة العسكرية القهريّة.المجلد الثاني، الفصل 12، القسم أ.
تكرّس ممارسة الدول هذه القاعدة كإحدى قواعد القانون الدولي العرفي المنطبقة في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية.
يتعيّن عدم اتخاذ الممتلكات الثقافية هدفاً للهجمات ما دامت أعياناً مدنية (انظر القاعدة 7). ويمكن مهاجمتها فقط في حال اكتسبت صفة الهدف العسكري (انظر القاعدة 10). ولذلك، يؤكد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أنّ تعمّد توجيه هجمات ضد المباني المخصّصة للأغراض الدينية، أو التعليمية، أو الفنية، أو العلمية، أو الخيرية، والآثار التاريخية يشكّل جريمة حرب في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية "شريطة ألّا تكون أهدافاً عسكرية".
[1]ويرد واجب إيلاء اهتمام خاص لتجنب الإضرار بالمباني المخصصة لأغراض دينية، أو فنية، أو علمية، أو تعليمية، أو خيرية، والآثار التاريخية، شريطة ألّا تستخدم لأغراض عسكرية، في الكثير من كتيّبات الدليل العسكري.
[2]وتنصّ تشريعات العديد من الدول على أنّ مهاجمة هذه الأعيان يشكّل جرماً معاقب عليه.
[3] وقد أدانت الدول، والأمم المتحدة، ومنظمات دولية أخرى، الهجمات ضد هذه الأعيان في نزاعات جرت، وعلى سبيل المثال، في أفغانستان، وكوريا، وبين إيران والعراق، وفي الشرق الأوسط، ويوغوسلافيا السابقة.
[4]وبينما يتعيّن أن تُتخذ، في أي هجوم ضد هدف عسكري، كافة الاحتياطات المستطاعة لتجنب التسبب بأضرار عرضيّة للأعيان المدنية، وفي كل الأحوال، حصرها في الحد الأدنى (انظر القاعدة 15)، يطلب إيلاء اهتمام خاص لتجنب الإضرار ببعض أكثر الأعيان المدنية قيمة. وقد أقرّ هذا المطلب سابقاً في مدوّنة ليبر، وفي إعلان بروكسيل ودليل أكسفورد، وقنّن في لائحة لاهاي.
[5] وعرّف تقرير لجنة المسؤوليات التي أنشئت بعد الحرب العالمية الأولى "التدمير الجائر للمباني الدينية، والخيرية، والتعليمية، والآثار التاريخية" كانتهاك لقوانين وأعراف الحرب، يخضع للملاحقة الجزائية.
[6]وقد تضمّنت بيانات رسمية هذا المطلب بإيلاء اهتمام خاص.
[7] وطلبت خطة العمل للسنوات 2000-2003، التي اعتمدها المؤتمر الدولي السابع والعشرون للصليب الأحمر والهلال الأحمر في العام 1999، من كافة أطراف النزاعات المسلحة حماية الممتلكات الثقافية وأماكن العبادة، علاوة على احترام حظر توجيه الهجمات ضد هذه الأعيان كلياً.
[8]لقد سعت اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية لتعزيز حماية الممتلكات "ذات الأهمية العظيمة للتراث الثقافي لأي شعب" بتشجيع وسمها بشارة تتكون من درع باللونين الأزرق والأبيض،
[9] وكذلك بحصر شرعية الهجمات ضدها بأوضاع استثنائية جداً، حيث يمكن اللجوء إلى تخلّ عن الالتزامات في حال "الضرورة العسكرية القهرية".
[10]وحتى يومنا هذا، فقد صدّقت 114 دولة على اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية. وقد اعتبر المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، المبادئ الأساسية لحماية الممتلكات الثقافية والحفاظ عليها في هذه الاتفاقية انعكاساً للقانون الدولي العرفي، وأقرّت بذلك أيضاً دول ليست أطرافاً في الاتفاقية.
[11] كما أقرّت المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، في قضية تاديتش، في العام 1995، بانطباق هذه الاتفاقية على النزاعات المسلحة غير الدولية بمقتضى القانون الدولي العرفي.
[12]وينصّ الكثير من كتيّبات الدليل العسكري على واجب احترام وحماية الممتلكات ذات الأهمية العظيمة للتراث الثقافي لأي شعب.
[13]وتشمل هذه الكتيّبات تلك الخاصة بدول ليست، أو لم تكن في حينه، أطرافاً في اتفاقية لاهاي.
[14] وبمقتضى تشريعات العديد من الدول، فإنّ الهجمات ضد الممتلكات ذات الأهمية العظيمة للتراث الثقافي لأي شعب، تُشكّل جرماً.
[15]يجعل البروتوكول الثاني لاتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية، والذي تم اعتماده بالإجماع في العام 1999، من هذه الاتفاقية اتفاقية عصرية في ضوء التطورات في القانون الدولي الإنساني التي حدثت منذ العام 1954. ومن البارز في هذا الشأن أنّ البروتوكول الثاني حافظ على التخلي عن الالتزامات في حال الضرورة العسكرية القهرية بناءً على طلب الكثير من الدول في الاجتماعات التحضيرية، ولكن سعى لتوضيح معنى هذا التخلي. فنصّ على أنه لا يجوز التذرع بالضرورات العسكرية القهرية للتخلي عن الالتزامات من أجل توجيه عمل عدائي ضد ممتلكات ثقافية إلّا إذا كانت، وما دامت (1) تلك الممتلكات الثقافية قد حوّلت من حيث وظيفتها إلى هدف عسكري؛ (2) ولم يوجد بديل عملي لتحقيق ميزة عسكرية مماثلة للميزة التي يتيحها توجيه عمل عدائي ضد ذلك الهدف.
[16] ويشترط البروتوكول الثاني، علاوة على ذلك، أن يتخذ القرار بوجود هذه الضرورة على مستوى معيّن من القيادة، وأن يعطى، في حالة الهجوم، إنذار مسبق فعلي، عندما تسمح الظروف بذلك.
[17] وخلال المداولات بشأن البروتوكول الثاني، لم يكن هذا التفسير للتخلي عن الالتزامات في حال الضرورة العسكرية القهرية مثار جدال.
ويتعيّن عدم الخلط بين هذه القاعدة والحظر على مهاجمة الممتلكات الثقافية الوارد في المادة 53 (1) من البروتوكول الإضافي الأول والمادة 16 من البروتوكول الإضافي الثاني، اللتين لا تنصان على التخلي عن الالتزامات في حال الضرورة العسكرية القهرية.
[18] وفيما شدّدت بيانات عديدة في المؤتمر الدبلوماسي الذي أدى إلى اعتماد البروتوكولين الإضافيين على أنّ القصد من هاتين المادتين تغطية كمية محدودة فقط من الممتلكات الثقافية ذات الأهمية العظيمة، أي تلك التي تكوّن جزءاً من التراث الثقافي أو الروحي "للشعوب" (أي للبشرية جمعاء)، نجد أنّ نطاق اتفاقية لاهاي أوسع من ذلك، إذ يغطي الممتلكات التي تكوّن جزءاً من التراث الثقافي "لأي شعب".
[19] فالممتلكات التي يغطيها البروتوكولان الإضافيان يجب أن تكون ذات أهمية تستوجب الاعتراف بها من الجميع، حتى وإن لم تكن موسومة. وفي المؤتمر الدبلوماسي الذي أدى إلى اعتماد البروتوكولين الإضافيين، أشارت عدة دول، وبالرغم من غياب التخلي عن الالتزامات، إلى أنّ مثل هذه الممتلكات الثقافية ذات الأهمية العالية يمكن أن تصبح محلاً للهجوم في حال استخدمت، وبطريقة غير شرعية، لأغراض عسكرية.
[20]