القاعدة 116. يسجل كلّ طرف في النزاع جميع المعلومات المتاحة، للتحقق من هويّة الموتى، قبل تدبير أمر الجثث، ووضع علامات لأماكن القبور.المجلد الثاني، الفصل 35، القسم هـ.
تكرّس ممارسة الدول هذه القاعدة كإحدى قواعد القانون الدولي العرفي المنطبقة في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية. وتتعزز هذه القاعدة بضرورة احترام الحياة العائلية (انظر القاعدة 105) وحقّ العائلات في معرفة مصير أقاربها (انظر القاعدة 117).
تم تقنين واجب التحقق من هوية الموتى قبل تدبير أمر الجثث، للمرة الأولى، في اتفاقية جنيف للعام 1929 لتحسين حال جرحى ومرضى الجيوش في الميدان.
[1] ويرد هذا الواجب الآن، بالإضافة إلى تسجيل التفاصيل الواجب تدوينها، وواجب نقل هذه المعلومات إلى الطرف الآخر وإلى الوكالة المركزية للبحث عن المفقودين المنصوص عليها في اتفاقيات جنيف لعام 1949.
[2] وينصّ العديد من كتيّبات الدليل العسكري على واجب التحقق من هوية الموتى قبل تدبير أمر الجثث.
[3] ويحدّد البعض منها ماهية التفاصيل التي يجب أن تدوّن في ما يتعلّق بالموتى.
[4] وبالإضافة إلى ذلك، تتضمن عدة كتيّبات ضرورة تسجيل موقع مكان الدفن.
[5] وذكرت محكمة العدل العليا الإسرائيلية في قضيّة
جنين (رفات الموتى) أنّ التحقّق من هويّة الموتى "مأثرة إنسانية بالغة الأهميّة".
[6]لا وجود لأحكام معاهدات تطلب بوضوح اتخاذ التدابير اللازمة للتحقق من هويّة الموتى قبل تدبير أمر الجثث في سياق النزاعات المسلحة غير الدولية. غير أنّ هناك ممارسة ثابتة تشير إلى أنّ هذا الواجب ملزم أيضاً لأطراف النزاعات المسلحة غير الدولية. وتضمّ هذه الممارسة كتيّبات من الدليل العسكري المنطبقة، أو التي جرى تطبيقها، في النزاعات المسلحة غير الدولية.
[7] وبالإضافة إلى ذلك، فقط طلبت سوابق قضائية في الأرجنتين وكولومبيا وجوب فحص الموتى قبل تدبير أمر جثثهم وذلك من أجل التحقق من هويتهم وتحديد ملابسات الوفاة.
[8] ومن المرجّح أن تكون هذه الشروط جزءاً من تشريعات العديد من الدول.
[9]كذلك يطلب القانون الدولي لحقوق الإنسان اتخاذ التدابير الضرورية للتحقق من هويّة الموتى والتأكّد من سبب الوفاة، وذلك بهدف حماية الحقّ في الحياة على وجه الخصوص. كما طلبت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، والمفوضية الأمريكية لحقوق الإنسان، والمحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان، اتخاذ التدابير الفعالة، وبالشكل المناسب، في ما يخصّ هذا الموضوع، حتى في حالات العنف المسلح.
[10] ودعت هيئات أخرى إلى اتخاذ هذه التدابير في سياق النزاعات التي جرت في الشيشان، والسلفادور، ويوغوسلافيا السابقة.
[11] وبالإضافة إلى ذلك، قررت المحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان، في مناسبتين، أنّ الدول ملزمة بالقيام بكلّ ما في استطاعتها لإعلام الأقارب بأماكن رفات الأشخاص الذين قضوا نتيجة عمليات إخفاء قسري.
[12] وفي ديسمبر/كانون الأول 1991، عندما وُصف النزاع في يوغوسلافيا السابقة بطابع النزاع غير الدولي، توصلت أطراف النزاع إلى اتفاق يتعلّق بتبادل المعلومات في ما يخصّ التحقق من هويّة الموتى.
[13] وتشمل الممارسة الأخرى التي وُجدت تلك الخاصة بحكومة الفلبين التي تجمع المعلومات عن الموتى من المتمردين بعد انتهاء المعارك،
[14] وتلك الخاصة بالجيش السلفادوري الذي يأخذ صوراً فوتوغرافية لجثث الموتى بعد كل معركة بين جماعة جبهة فارابوندو مارتي للتحرير الوطني ودورية عسكرية.
[15] وهناك ثلاثة قرارات تم اعتمادها على الصعيد الدولي، ولقيت تأييداً واسعاً دون أي صوت معارض، دعت أطراف النزاعات المسلحة بالإبلاغ عن الموتى (أي التحقق من هويّتهم وإعطاء معلومات عنهم). ففي العام 1973، دعا المؤتمر الدولي الثاني والعشرون للصليب الأحمر أطراف النزاعات المسلحة" في أثناء العمليات العدائية وبعد انتهائها ... إلى القيام بالمهمة الإنسانية بتوفير المعلومات بشأن الموتى".
[16] وفي قرار تم اعتماده في العام 1974، دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة أطراف النزاعات المسلحة، بغض النظر عن طابعها، للتعاون "بتوفير المعلومات بشأن المفقودين والموتى جرّاء النزاعات المسلحة".
[17] كما طلبت خطة العمل للسنوات 2000-2003، والتي تم اعتمادها من قبل المؤتمر الدولي السابع والعشرين للصليب الأحمر والهلال الأحمر في العام 1999، من جميع أطراف النزاعات المسلحة اتخاذ التدابير الفعالة لضمان "بذل كافة الجهود ... للتحقق من هويّة الموتى".
[18]وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ أحد الأهداف الرئيسة لهذه القاعدة منع الاختفاء القسري للأشخاص (انظر القاعدة 98) وضمان عدم اختفائهم (انظر القاعدة 117)، وهما واجبان ينطبقان في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية على حدّ سواء. ولم يُعثر على أية ممارسة رسمية مناقضة تتعلّق بالنزاعات المسلحة الدولية أو غير الدولية.
إنّ واجب التحقق من هويّة الموتى يستوجب توفير الوسائل اللازمة لذلك، وعلى الأطراف بذل كافة الجهود واستخدام جميع الوسائل المتوفرة لهذا الأمر. ووفقاً للممارسة المستجمعة، تشمل التدابير التي من المفترض اتخاذها جمع نصف قرص الهويّة المزدوج، تشريح الجثة، تدوين نتائج التشريح، إصدار شهادات الوفاة، تسجيل عملية تدبير أمر الجثة، الدفن في قبور فردية، حظر المقابر الجماعية دون التحقق من هويّات الجثث، ووضع علامات مناسبة على القبور. كما تقترح الممارسة أيضاً أنّ النبش عن القبور وتطبيق أساليب الطب الشرعي، بما في ذلك فحص الحمض النووي، يمكن أن تكون وسائل مناسبة للتحقق من هويّة الجثث بعد دفنها.
ويتطلب هذا الواجب بشكل عام، التعاون الفعّال بين كافة الأطراف المعنيّة. وتطلب خطة العمل للسنوات 2000-2003، والتي تم اعتمادها من قبل المؤتمر الدولي السابع والعشرين للصليب الأحمر والهلال الأحمر في العام 1999، ومن أجل الاستجابة لمضمون هذه القاعدة، وجوب "وضع الإجراءات الملائمة موضع التنفيذ، عند بداية النزاع المسلح على أبعد تقدير".
[19]